يبدو الواقع الرياضي على شفير الهاوية في ظل الانقسام السياسي الحاصل في لبنان والذي كانت له انعكاساته السلبية على جوانب مختلفة من الحياة الرياضية وأعادتها سنوات إلى الوراء وبالتالي فإن أياً من السيناريوهات المطروحة للمستقبل السياسي في البلاد من شأنه حكماً أن يفضي إلى واقع رياضي جديد إن سلبا أو إيجاباً.
يمكن أن نؤرخ أنه منذ "الزلزال" الذي ضرب لبنان والمتمثل باغتيال رئيس الوزراء السابق الشهيد رفيق الحريري، شهدت الرياضة بشكل عام تدهوراً ملحوظاً في المستوى والإنجازات على المستويات كافة، وذلك لأسباب عده أهمها غياب الاستقرار الأمني والمادي والاجتماعي وهي العوامل الأساسية اللازمة لتقدم الرياضة في أي بلد لأن الرياضة هي انعكاس للاستقرار والنمو والتحضر في أي من المجتمعات الإنسانية وهي أيضا إحدى المقاييس المعتمدة لتحديد مدى تقدم الدول.
وكذلك انعكس الانقسام الحاصل على الجماهير فكان من نتائجه منع الجمهور من حضور مباريات كرة القدم (اللعبة الشعبية الأولى في البلاد) للموسم الثاني على التوالي تخوفاً من حدوث مشاكل بين الجماهير ذات الأهواء السياسية والطائفية "المتناقضة".
على الصعيد المادي، غاب الدعم والتمويل للاتحادات والبعثات الوطنية باستثناء مبادرات فردية من بعض الحريصين، وكذلك في ما خص المعسكرات الخارجية والاستعانة بالخبرات الأجنبية عموماً (مدربين وخبراء)، وبحكم كون الرياضة هي رياضة "هواة" فإن المداخيل تعتمد على إنفاق الأفراد والجمعيات أو الرعاة، وبالتالي ليس هناك من نسق واضح يمكن الاعتماد عليه لضمان الاستمرارية.
فضلا عن ذلك لا تبدو الرياضة في سلم أولويات اللبنانيين الذين ينتابهم خوف كبير على مستقبلهم يهدد وجودهم ويبرز من خلال معطيين هامين إما تدهور داخلي يفضي إلى ما لا تحمد عقباه أو عدوان خارجي. وبالتالي في ظل هكذا مخاطر باتت الرياضة في خانة "الكماليات" وليس الأساسيات، فبدل أن تجد الأحاديث يوم الإثنين عن المرحلة التي سبقت من عمر الدوري والتي غالباً ما تلعب يومي السبت والأحد، يتم استبدال الحديث بجوانب أمنية أو سياسية أو اقتصادية.
بيد أن الخطر الأكبر يتمثل في الشلل الكلي كنتيجة حتمية لأي انقسام على الأرض في حال انتخاب رئيسين أو قيام حكومة ثانية وبالتالي "حكومتين" في البلاد، وهو احتمال وارد.
من شأن ذلك إن حصل لا سمح الله أن يكون بمثابة رصاصة الرحمة على الرياضة اللبنانية، وأن يزيد واقعه السيئ سوءاً.. إن ناقوس الخطر قد دقّ منذ زمن ولكن ما من آذان صاغية، والخطر بات محدقاً، ويهدد بنسف القليل الذي تم إنجازه بعد الحرب الأهلية الأخيرة (1975-1990).
ولكن ما الرياضة إلا وجه من أوجه الحياة في بلد ما، وإذا قدّر للبنانيين أن يدفعوا ثمناً لعجزهم عن إدارة شؤون بلادهم، كان على الرياضة أن تشاركهم هذا الثمن.
ويبقى الأمل والرجاء بأن تصطلح الأحوال ويبزغ فجر جديد حاملاً أملاً جديداً بمستقبل مشرق للبنان ورياضته قبل أن يفوت الأوان.