· قال المغيرة بن شعبة:
ما غد عني قط غير غلام من بني الحرث بن كعب, فاني ذكرت امرأة منهم وعندي شاب من بني الحرث, فقال:
أيها الأمير انه لا خير لك فيها.
فقلت: ولما.
قال: رأيت رجلا يقبلها.
فأقمت أياما, ثم بلغني أن الفتى تزوج بها, فأرسلت اليه فقلت: ألم تعلمني أنك رأيت رجلا يقبلها؟
قال: بلى, رأيت أباها يقبلها.
فاذا ذكرت الفتى وما صنع غمّني ذلك.
· كان نصراني يختلف الى الضحاك بن مزاحم, فقال له يوما:
لم لا تسلم؟
قال: لأني أحب الخمر ولا أصبر عليها.
قال: فأسلم واشربها.
فأسلم, فقال له الضحاك:
انك قد أسلمت الآن, فان شربت حددناك, وان رجعت عن الاسلام قتلناك.
· خطب رجل الى قوم, فقالوا: ما تعالج؟
قال: أبيع الدواب.
فزوّجوه, ثم سألوا عنه, فاذا هو يبيع السنانير, فخاصموه الى شريح فقال: السنانير دواب.
وأنفذ تزويجه.
· أخبرنا علي بن المحسن, عن أبيه قال:
أخبرني جماعة من شيوخ بغداد أنه كان بها في طرف الجسر سائلان أعميان, أحدهما يتوسّل بأمير المؤمنين عليّ, والآخر بمعاوية, ويتعصّب لهما الناس, ويجمعان القطع, فاذا انصرفا فيقتسمان القطع, وكانا يحتالان بذلك على الناس.
· حدثنا عبد الواحد بن محمد الموصلي, حدثنا بعض فتيان الموصلي قال:
لما قتل ناصر الدولة أبا بكر بن رايق الموصلي نهب الناس داره بالموصل, فدخلت لأنهب, فوجدت كيسا فيه أكثر من ألف دينار, فأخذته وخفت أن أخرج وهو معي كذلك, فيبصرني بعض الجند, فيأخذه مني, فطفت الدار, فوقعت على المطبخ, فعمدت الى قدرة كبيرة فيها سكباج, فطرحت الكيس فيها, وحملتها على يدي, فكل من استقبلني نظر أني ضعيف قد حملني الجوع على أخذ تلك القدرة التي سلمت الى منزلي.
· وحدثني أبو حسن بن عباس القاضي قال:
رأيت صديقا على بعض زوارق الجسر ببغداد جالسا في يوم شديد الريح وهويكتب رقعة, فقلت:
ويحك, في هذا الموضع وهذا الوقت؟!.
قال: أريد أن أزوّر على رجل مرتعش ويدي لا تساعدني, فتعمّدت الجلوس ههنا لتحرك الزورق بالموج في هذه الريح فيجيء خطي مرتعشا فيشبه خطّه.
· دخل أبو دلامة على المهدي, فأنشده قصيدة فقال له: سلني حاجتك.
فقال: يا أمير المؤمنين, تهب لي كلبا.
فغضب وقال: أقول لك, سلني حاجتك فتقول:" هب لي كلبا"؟
فقال: يا أمير المؤمنين, الحاجة لي أم لك.
قال: لا, بل لك.
قال: فاني أسألك أن تهب لي كلب صيد.
فأمر له بكلب, فقال:
يا أمير المؤمنين, هبني خرجت الى الصيد, أأعدو على رجلي؟
فأمر له بدابة.
فقال: يا أمير المؤمنين, فمن يقوم عليها؟
فأمر له بغلام.
فقال: يا أمير المؤمنين, فهبني قصدت صيدا وأتيت به المنزل, فمن يطبخه؟
فأمر له بجارية.
فقال: يا أمير المؤمنين, هؤلاء أين يبيتون؟
فأمر له بدار.
فقال: يا أمير المؤمنين, قد صيّرت في عنقي كفا (أي جمعا من عيال) , فمن أين ما يتقوّت به هؤلاء؟
قال: فان أمير المؤمنين قد أقطعك ألف جريب عامرا وألف جريب غامرا.
فقال: أما العامر فقد عرفته, فما الغامر؟
قال: الخراب الذي لا شيء فيه.
قال: ولكنني أسأل أمير المؤمنين من ألفي جريب جريبا واحدا عامرا.
قال: من أين؟
قال: من بيت المال.
فقال المهدي: حوّلوا المال وأعطوه جريبا.
فقال: يا أمير المؤمنين! اذا حوّلوا منه المال صار غامرا.
فضحك منه وأرضاه.